تواصل مع المجتمع الكنسي
The world is a book. Those who do not connect with others miss many pages.
دعوة
٢ عضو تم العثور عليه.
Gerges Massoud
بين الهجوم على الأفكار وبناء العقول الأرثوذكسية
أحيانًا بننجرّ في الكنيسة لمعركة «الهجوم» على كل فكرة غريبة أو تصرّف غير مستقيم، وننسى أن الطريق الأعمق والأثبت هو: بناء عقول وقلوب أرثوذكسية من الأصل.
الكتاب المقدس يربط ضياع الشعب بغياب التعليم:
«قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ» (هوشع ٤: ٦).
آباء كثيرون فسّروا الآية دي إن المسؤولية الأولى تقع على الكهنة والخدّام الذين لم يعلّموا الشعب كما ينبغي.
ومن بدري جدًا، ربنا يضع مسئولية التأسيس على الأسرة والكنيسة:
«رَبِّ ٱلْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لَا يَحِيدُ عَنْهُ» (أمثال ٢٢: ٦).
«أَمَّا أَنْتَ فَٱثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأُوقِنْتَ بِهِ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ. وَأَنَّكَ مُنْذُ ٱلطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ ٱلْكُتُبَ ٱلْمُقَدَّسَةَ ٱلْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلَاصِ» (٢ تيموثاوس ٣: ١٤–١٥).
الهدف من التعليم ده إيه؟
الكتاب يجاوب بوضوح:
«لكَيْ لَا نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالًا مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ» (أفسس ٤: ١٤).
وكمان:
«فَإِذًا أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ ٱثْبُتُوا وَتَمَسَّكُوا بِٱلتَّعَالِيمِ ٱلَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِقَوْلٍ أَمْ بِرِسَالَتِنَا» (٢ تسالونيكي ٢: ١٥).
إذن الكتاب يطلب منّا:
- لا نكتفي بمقاومة الأفكار الغلط بعد ما تظهر.
- لكن نسبقها بتأسيس قوي في «التعاليم» و«المعرفة» الكتابية والآبائية.
✥ شهادة الآباء:
١) القديس يوحنا ذهبي الفم – عن تربية الأولاد على كلمة الله:
يقول عن تربية الأبناء:
[بتصرّف]
«هل تريد أن يكون ابنك مطيعًا؟ ربِّه منذ البداية في تأديب الرب وإنذاره. ولا تظن أبدًا أن سماعه للأسفار الإلهية أمر زائد عن الحاجة. لا تقل: هذا عمل الرهبان. لستُ أصنع منه راهبًا، بل أجعله مسيحيًا. ليكن كل شيء ثانويًا بجانب عنايتك بأولادك وتربيتهم في الرب».
(القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة ٢١ على أفسس ٦: ٤)
الكلام ده يؤكد إن أفضل حماية لأولادنا من أي فكر منحرف هي إنهم من طفولتهم يكونوا «سامعين مواظبين» لكلمة الله وتعليم الكنيسة، مش نكتفي إننا نرد على الأخطاء بعد ما تكبر في ذهنهم.
٢) القديس باسيليوس الكبير – عن هدف التعليم:
يقول عن هدف حياة المسيحي:
[بتصرّف]
«للمسيحي، الحياة الأبدية هي الهدف الأسمى، والمرشد إلى هذه الحياة هو الأسفار المقدسة».
(القديس باسيليوس الكبير، «كلمة إلى الشبان عن منفعة مطالعة الكتب اليونانية»، فقرة ٢)
يعني كل أدوات التعليم والتربية (سواء مناهج أو مناقشات أو حتى استخدام وسائل هذا الجيل) لازم تكون خاضعة لهدف واحد: قيادة الجيل للحياة الأبدية بحسب الكتاب والكنيسة.
٣) قداسة البابا شنوده الثالث – عن أهمية العقيدة والتعليم:
▪ في كتابه عن «البدعة الخلاص في لحظة» يضع مبدأ واضح:
[بتصرّف]
«أريدكم أن تفهموا وتتمسكوا بالإيمان السليم للكنيسة. لا تقولوا: آمين، وأنتم لا تفهمون».
(قداسة البابا شنوده الثالث، كتاب «هرطقة الخلاص في لحظة»، مقدمة فصل «أهمية العقيدة وتعليمها»)
▪ ويشرح برنامج الكنيسة لحماية أولادها:
[بتصرّف]
الكنيسة مطالَبة أن تغرس مفاهيم الإيمان عميقًا في أولادها منذ طفولتهم، حتى إذا كبروا لا يضطربون من الشكوك والحروب الفكرية.
(نفس المرجع)
▪ وتعليم مشهور من تعاليمه نالته الكنيسة كلها:
«تعلّمنا من قداسة البابا شنوده الثالث خطورة «النص المقتطع من سياقه»، وأننا لا نبني عقيدة من آية واحدة، بل من روح الكتاب كله وتعليم الكنيسة».
(انظر: خدمة الشباب – موقع coptic.net – مقال عن خدمة التعليم الكنسي)
✥ ما بين الهجوم والبناء:
من روح الكتاب المقدس وتعليم الآباء نفهم:
- نعم، لازم نرفض أي تعليم أو ممارسة لا تتفق مع إيمان وطقس وتراث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
- لكن قبل الهجوم على الأخطاء، دورنا الأول أن:
• نغرس الإيمان المستقيم في الأطفال والنشء والشباب.
• نعلّمهم الكتاب بفهم آبائي سليم.
• نربّيهم على المحبة للكنيسة وثقتها في قلوبهم.
• نستخدم أدوات هذا الجيل (سوشيال ميديا، فيديوهات، منصّات تعليمية، بودكاست، محتوى قصير وجذّاب…) لتوصيل نفس الإيمان الرسولي بلسان هذا العصر.
لو عملنا كده:
- لو ظهر فكر منحرف أو شخص «يغرد منفردًا»،
لن يهتز الفريق كله، لأن:
• «الصح» صار عقيدة راسخة في عقولهم وقلوبهم.
• عندهم مرجعية: الكتاب بفهم الكنيسة وتعليم الآباء.
• عندهم حس كنسي يميّز بين ما هو تقليد آبائي وما هو دخيل.
وهنا نرجع لكلمة جميلة من التراث الكنسي القديم تنقلها الدسقولية ويذكرها قداسة البابا شنوده:
«ٱغْسِلُوا ٱلْخَطِيَّةَ بِٱلتَّعْلِيمِ».
يعني: أفضل ردّ على الانحراف هو تعليم مستقيم وعميق ومستمر.
فلنضع كل طاقاتنا إذن في:
بناء العقول الأرثوذكسية،
وتثبيت القلوب في الإيمان المستقيم،
حتى يبقى الجسد الكنسي كله متناغمًا، ثابتًا، وغير متشكك، مهما تغيّرت التيارات حوله.
١٨ نوفمبر